موقع الدكتور صالح أبو أصبع
الرئيسة/  مقالات صحفية

زها حديد نموذج يزهو به العرب


حينما تزور أبوظبي، وتعبر جسر الشيخ زايد، فلا يخطر ببالك أن هذه الأعمال الهندسية الرائعة تقف وراءها المهندسة زها حديد.

وفي مقابلة تلفزيونية مع إحدى الفضائيات العربية كانت قد تحدثت زها حديد عن تجربتها الهندسية، التي حصلت على اعتراف عالمي بإبداعاتها حيث امتدت المشاريع الهندسية التي نفذتها مروراً في العالم، ويلفت الانتباه في مقابلتها تلك حديثها بمرارة عن تجربتها حيث كانت تأمل لو أن مشاريعها التي تقدمت بها في عديد من البلدان العربية، وأغلبها مشاريع ثقافية هامة، ولكنها خسرتها. وكان السبب في ذلك كما قالت إنها خسرتها لكونها عربية ولو كانت أجنبية لربحتها، لأن العرب يفضلون الأجانب على الخبراء من أبناء جلدتهم، وهذه حقيقة نجدها في عديد من الدول العربية. وتحدثت كذلك بمرارة أن تنفيذ المشاريع في البلدان العربية، يحتاج إلى علاقات، وهي كونها امرأة لم تكن ولا فيها تسمح مثل هذه العلاقات.

ومع ذلك يلفت الانتباه ثقتها بالإنسان العربي، وهي ترى أن الغرب لا يرى حقيقة إمكانات الإنسان العربي التي جسدتها هي في الإبداع الهندسي، وهي مؤمنة بأن إمكانات الإنسان العربي تتخطى ذلك، لتكون في جميع المجالات.

وكما تشكو من أن بلادها العربية لم تثق بعملها، ولم تقم بتنفيذ مشاريعها، كذلك شكت من أن بريطانيا التي تقيم وتعمل فيها وتحمل جنسيتها، لم يتم تنفيذ مشاريع كبيرة لها باستثناء مشروع واحد كبير وهو مجمع السباحة في لندن، وقد عزت ذلك إلى أن أصولها العربية وكونها امرأة حالت دون ذلك، وقد رأت أن جنسيتها العراقية، وكونها امرأة عربية كان يشكل عائقاً أمام عملها.

ومع الثورة المعمارية التي شهدتها البلدان العربية وخصوصاً دول الخليج العربي، فالمشاريع التي أنجزتها تعتبر محدودة مثل مركز الملك عبد الله للدراسات في الرياض، ومحطة المترو في الرياض الحديد ومركز التراث العمراني بالدرعية، واستاد الوكرة بقطر ودائرة الملك عبد الله للثقافة والفنون في عمّان، والبنك المركزي في بغداد.

وتقف أعمالها الضخمة الرائعة شاهدة على إنجازاتها مثل استاد طوكيو للألعاب الأولمبية، ومتحف دونغ ديمون ومجمع السباحة في لندن، وفي كوريا وبرج الابتكاري في هونغ كونغ، ومركز علييف في أذربيجان ومتحف ريفرسايد باسكتلندا، ومشاريع أخرى في إسبانيا وتركيا وسنغافورة والصين والنمسا والولايات المتحدة، وأكبر مطار في العالم في بكين.

وكانت زها حديد قد فازت بجوائز عالمية مثل جائزة برتيزكير pritzker العالمية. وقد اختارتها مجلة تايم 2010 من بين أكثر مئة شخصية في العالم نفوذاً. وتجربة زها تجربة غنية يمكننا الإفادة منها في العبر التالية:

• إن الإنسان العربي إنسان مبدع إذا توفر له المناخ الملائم.

• إن الإبداع ليس حكراً على الرجال فالمرأة قادرة على تقديم الجديد والمبدع.

• إن العالم يحمل تحيزات واضحة ضد كل ما هو عربي وما هو أنثى.

• إن الوطن العربي أحق باحتضان الكفاءات العربية والاعتراف بفضلها.

لقد رحلت زها وبقي تراثها معلماً إنسانياً يترك بصماته في أنحاء المعمورة، ولنا كوننا عرباً أن نفتخر بها ونزهو بها. وسيظل في ذاكرتنا أن أهم ما يميز بصماتها المعمارية في الوطن العربي تلك الإنجازات الهندسية لمعالم ثقافية بارزة في عواصم عربية عدة.


التعليقات

الحقوق محفوظة موقع الدكتور صالح أبو أصبع © 2024