موقع الدكتور صالح أبو أصبع
الرئيسة/  مقالات صحفية

حماية المجتمع من سلبيات الإعلان


ترك الإعلان بصمات واضحة على حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب، فهو وسيلة مُثلى للترويج عن السلع والخدمات وللسيطرة على قرارات المستهلكين.

فمثلما يؤثر في ترويج السلع، يسهم في نشر قيم واتجاهات جديدة، ويعمل على تغيير العادات والأذواق لدى الناس، وتتأثر اليوم العادات الغذائية من حيث نوعية الغذاء وأسلوب تناولها بالإعلانات، وتتربّى أجيال جديدة وهي تتذوق شطائر الهمبرغر والدونت والمشروبات الغازية ذات المنشأ الأجنبي، ويتأثر الشباب والنساء بأنواع الأزياء تبعا للموضات المختلفة التي تجتاح العالم.

وهكذا يسهم الإعلان بفاعلية في توسيع دائرة الاستهلاك ويؤدي إلى خلق نمط غير صحي من السلوك الاستهلاكي في المجتمع.

ومما لا شك فيه أن هناك تأثيرات اجتماعية إيجابية وأخرى سلبية للإعلان. إذ يسعى الإعلان إلى ترويج السلع، لتعزيز النشاط التجاري والصناعي. وتتضح إيجابيات الإعلان في قدرته على المساعدة في تحسين ظروف الحياة بتقديم أنواع من السلع وأساليب الحياة الاجتماعية التي تسهم في رفاهية الحياة.

ويكفي أن يدرك المرء بأن الإعلان يقدم أنماطا من المبتكرات، التي تعمل على رفع مستوى الحياة في المجتمع. ولا يخفى علينا الدور الإيجابي للإعلانات غير الربحية التي تسعى إلى تحقيق خدمات للجمهور، خصوصا في مجالات الصحة واللياقة البدنية والتغذية.

إن دور الإعلان هذا له أهميته بلا شك، ولكن لا تحول هذه الأهمية دون انتقاده، فالإعلان يحاصرنا كل يوم في جميع وسائل الإعلام وحين نتصفح الإنترنت وحين نسير في الطرقات.

لذا فان منتقدي الإعلان يرون بأنه يسهم بفعالية في توسيع دائرة الاستهلاك، وأنه يؤدي إلى خلق نوع من السلوك الاستهلاكي السلبي في المجتمع. والإعلان المُعَد من قبل ثقافة مغايرة يحمل سمات ثقافته ويكون عاملاً من عوامل التغيير الاجتماعي.

ويؤثر الإعلان في تحويل الزبائن من سلعة إلى سلعة منافسة، ويكون تأثيره في المجتمعات النامية كبيرا على الاقتصادات الوطنية التي لا تستطيع تحمل منافسة السلع الأجنبية، ويُشكِّل الإعلان عبئاً إضافياً على المستهلك إذ تضاف قيمة الإعلانات إلى تكلفة السلعة التي يشتريها.

ويرى بعض النقاد أنّ الإعلانات تقوم بتأثير سلبي بخلقها الرغبة في شراء سلع دون الحاجة إليها، مما يؤدي إلى هدر اقتصادي على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع. وتقوم الإعلانات برفع توقعات الناس في الحصول على السلع والخدمات دون أن يتحقق لهم ذلك، مما يقود إلى الإحباط عند شرائح كبيرة من الناس.

ويتوجه الإعلان إلى الجمهور بمخاطبة عواطفهم وغرائزهم أكثر من مخاطبة عقولهم، ولهذا تميل الإعلانات إلى استخدام لغة عاطفية تستهدف قيادة وتحريك الناس للقيام بأفعال تقودهم إلى شراء السلعة المعلن عنها بدون تقديم وصف نوعي للسلعة.

كما إن الإعلانات تخاطب العواطف والغرائز باستغلال المرأة. وبعضها يعمد إلى استثارة الغرائز الجنسية. وأي متابع للإعلانات يمكنه أن يشاهد كيف يتم توظيف المرأة واستغلالها في الإعلانات التلفزيونية، فالمرأة تغني وترقص وتكشف عن مفاتنها في معظم ما نشاهد من إعلانات. إنَّ ظهور المرأة في الإعلانات ليس خطأ..

ولكن يجب ألا يكون ذلك وسيلة لاستغلال المرأة باعتبارها أُنثى فحسب. إنّ العصر الذي نشهده، يشير إلى أنّ الإعلان يزداد قوة وتأثيراً. ولا شك بأن انتشاره ونفوذه في الوطن العربي يزدادان، لذا يصبح هناك ضرورة لتنظيم مهنة الإعلان، ولا تكفي قوانين المطبوعات في الدول العربية لتنظيم المهنة. وتقع المسؤولية المشتركة على الحكومات وشركات الإعلان والمؤسسات الإعلامية بإصدار القوانين والمواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة وتحمي المجتمع وتحول دون استغلال المرأة.


التعليقات

الحقوق محفوظة موقع الدكتور صالح أبو أصبع © 2024